6- الأهداف الواقعية :
الإنسان الصحيح نفسياً لا يتشبث بأهداف غير واقعية، وغير ممكنة التحقيق.. فهو إنسان يحيا الواقع، ولا يغرق نفسه فى أحلام اليقظة أو الطموحات غير الممكنة.
ولاشك أن المسيحية تساعدنا فى ذلك حينما تدعونا إلى القناعة "كونوا مكتفين بما عندكم".. "أقول بالنعمة المعطاة لى، لكل من هو بينكم، أن لا يرتئى فوق ما ينبغى أن يرتئى، بل يرتئى إلى التعقل، كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان" (رو 3:12)... "التقوى مع القناعة تجارة عظيمة" (1تى 6:6).
ولكن القناعة ليست ضد السعى إلى النمو، وتطوير الإمكانيات البشرية، الذهنية والعملية والعلمية والمادية... طالما أن الكل لمجد الله، وأن الهدف ليس هو تضخيم الذات، أو عبادة التراب والمادة.
لذلك فالإنسان المسيحى يجاهد فى تطوير حياته، "ويستعمل العالم وكأنه لا يستعمله" (1كو 31:7). وينمى إمكاناته المختلفة سعياً إلى الأفضل، لا من منطلق الطموح الذاتى، ولكن من منطلق استثمار الوزنات لمجد المسيح، وصولا إلى حياة سعيدة فى الرب.
7- الاستقلال الوجدانى :
بمعنى أن لا يكون الإنسان تابعاً - عاطفياً ووجدانياً - لآخر يسبى قلبه، ويستولى على عواطفه، ويلغى إمكانية تعامله مع الآخرين. فالعاطفة البشرية الطبيعية، غير الخاضعة للروح والعقل، تحول بعد قليل إلى قيد على الإنسان، وسبى شديد، وذاتية بغيضة، وربما حسيات وخطايا، أما العاطفة التى يضبطها العقل، وتقدسها الروح، فهى عاطفة تتسم بما يلى:
- الانتشار والأتساع لتشمل الكل. - عدم العبودية لإنسان أو شئ.
- عدم التقلب والثبات.
- الاستنارة بحيث لا تجنح بالإنسان إلى المهالك.
- النقاء والطهر، بسبب عمل روح الله فيها.
8- الاستقلال المعرفى :
بمعنى أن لا يستعبد الإنسان نفسه لإنسان آخر، أو لمدرسة فكرية معينة، بل يكون عقله منفتحاً لكافة البشر والمدارس، مع إفراز روحى وذهنى بسبب أمرين :
- روح الله الساكن فيه، الذى يرشده إلى جميع الحق...
- وكلمة الله المغروسة فيه، كسراج يهديه سواء السبيل.
لذلك فالإنسان الصحيح نفسياً لا يغلق عقله عن إنسان، ولا يرفض فكراً آخر بدون مناقشة ودراسة، أو رأياً آخر دون أن يعطيه فرصة العرض والتمحيص.
إن التشدد الفكرى دليل عدم النضج.. ولكن هذا لا يعنى أن يكون عقل الإنسان كطريق مسطح أو حديقة بلا أسوار.. فالسلبية الذهنية وبال على الإنسان أيضاً... وكل ما نقصده هو أن الإنسان المستنير بالروح والكلمة، قادر على التمييز بين الغث والسمين، ولذلك فهو لا يغلق ذهنه، ولا يفتحه بطريقة سلبية، بل يتحاور ويتفاعل ليصل بروح الله الساكن فينا إلى الحق كل الحق.
فليعطينا الرب من خلال حياتنا فيه أن تكون نفوسنا صحيحة، لمجد أسمه وسعادتنا الخاصة، وإسعاد الآخرين به.