حدثت هذه القصة في الأربعينيات من القرن العشرين, حين اختار رئيس دير السريان أحد الرهبان ليقوم بالخدمة في مقر الدير بجوار البطريركية, التي كانت في شارع كلوت بك , وهذا المقر هو المعروف بالعزباوية , حيث توجد صورة كبيرة للسيدة العذراء يذهب إليها الناس ويطلبون شفاعتها ويطلبون منها طلبات كثيرة , تقدمها لله , ويعملون تمجيداً أمام الصورة أو يصلون وينالون بركة الصورة ويضعون بعض العطايا في الصندوق المجاور .
أطاع الراهب وترك الدير وأتى إلى الخدمة في كنيسة العذراء العزباوية , ولكنه كان غير مقتنع بهذه الخدمة , لأنها حرمته من هدوء الدير. ولم يرى فيها إلا راهب يعمل تماجيد ويجمع العطايا التي في الصندوق ويرسلها إلى الدير , إلى أن حدثت معه قصص كثيرة أهمها هذه القصة :
حضرت سيدة يونانية إلى كنيسة العزباوية ووقفت أمام صورة السيدة العذراء وأخذت تصلي بحرارة لمدة حوالي نص ساعة . كانت تخاطب العذراء وهي تشير إليها وتحدثها كإنسانة موجودة أمامها , بينما دموع هذه السيدة تنساب على خديها , وبعد الصلاة اتجهت إلى أبونا الراهب المسؤول وطلبت منه أن يعمل لها تمجيد للسيدة العذراء وأعطته ريال ( عشرون قرشا ) فعمل الراهب هذا التمجيد.
وانصرفت السيدة , وتأثر الراهب من أجل هذه المشاعر الحارة التي رآها بعينه , خاصة إن السيدة أخبرته أنها تصلي من أجل ابنها الذي أخذوه في الجيش الانجليزي وأرسلوه إلى لبنان , وهو مريض . وأرسل لها خطابات يخبرها بمرضه, ولكن خطاباته انقطعت وهي تخشى أن يكون المرض قد زاد عليه أو فارق الحياة, وطلبت من أبونا الراهب أن يصلي من اجله.
في اليوم التالي حضرت نفس السيدة ووقفت أمام الصورة وصلت صلاة حارة وطلبت من أبونا أن يعمل لها تمجيد وأعطته ريال.
تكررت زيارة هذه السيدة كل يوم وأبونا يعمل لها تمجيد, لمدة اثني عشر يوماً. وأبونا منبهر بحرارة الصلاة وإيمان هذه السيدة وتعلقها بشفاعة أمنا العذراء مريم .
في اليوم الثالث عشر وفي الصباح الباكر, وبالتحديد في الساعة السابعة, عندما فتح أبونا باب المقر وجد هذه السيدة تقف على الباب ووجهها ممتلئ فرحاً, وأسرعت إلى الداخل, وطلبت من أبونا وقالت له بالحرف الواحد:
" اعمل لي النهارده تمجيد كبير بجنيه " .
وأعطته جنيه في يده وأخبرته انه وصل إليها الأمس خطاباً من ابنها يشكرها على إرسالها السيدة الجميلة التي زارته في المعسكر وأعطته زجاجة دواء فشرب منها وبدأ يشعر بتحسن, وأخبرته هذه السيدة الجميلة إن والدته في التي أرسلته إليه, فسألها الشاب من أنتِ حتى أخبر أمي؟ فقالت له: "السيدة العزباوية"
ولم يكن الشاب يعرف من هذه السيدة, ولكن الأم فهمت أنها السيدة العذراء. ففرحت بمحبة الله ومحبة السيدة العذراء وشفاء ابنها. وقرأت الخطاب كلمة كلمة وترجمته للراهب,الذي فرح جدا, وعمل التمجيد وشعر ببركة الخدمة التي يقوم بها لأنها تثبت إيمانه بقوة الصلاة وبشفاعة القديسين.
+الله يفرح بصلواتك خاصة عندما تكون متمسكاَ به وتلح عليه بإيمان فهو ينتظر لجاجتك، وثق أنه يعطيك طلباتك لأنه يحبك ويعمل الله كل ما يؤدي إلى خلاص نفسك.
إن القديسين يسرعون بطلبتك إلى الله، والله يفرح بصداقتك مع القديسين التي تنمي حبك إلى السماء, فاحرص على التشفع بالقديسين وزيارة أماكنهم وعمل التماجيد لهم، ليس فقط من اجل احتياج مادي أو مشكلة تريد حلها، بل بالأكثر حباَ فيهم لتزداد علاقتك بهم.