اللسان عضو صغير جداً فى جسم الانسان, ولكن ما أضخم خطاياه التى لا تتناسب مطلقاً مع حجمه. ولذالك قال احد القديسين :
"كثيراً ما تكلمت فندمت. واما عن سكوتى فما ندمت قط"
فما هى خطايا اللسان اذن؟ وما مدى خطورتها حتى يندم الانسان عليها.
أول خطورة للسان هى ان خطاياه نابعة من القلب. فالقلب الطاهر لا يلفظ سوى ألفاظ طاهرة. أما ما فى القلب من خطايا, فهذه يكشفها اللسان. ولهذا يعرفون طبيعة الانسان من الفاظه, فلغته تظهرة...ولهذا فإن خبراء السياسة- اذا ارادوا أن يعرفون بواطن انسان – يتركونه يتكلم, وكلامه يكشفه, فيحكمون عليه
****
ثانى خطورة للسان هى أن الكلمة التى تخرج منه, لا يستطيع مطلقاً ان يسترجعها. لقد حُسبت عليه..
فإن حدث ذات مرة, وزلف لسان انسان, فجرح شعور صديق له بكلمة لا تليق.فإنه- مهما ندم على قوله – فإن تلك العبارة قد حسبت عليه, وربما لا ينساها له ذلك الصديق! مادام الأمر هكذا, فليحترس الإنسان فى كل ما يقوله. وخير له أن يزن كل لفظ قبل ان ينطق به.. ويحاسب نفسه على كلامه قبل أن يحاسبه الناس علية ..
****
والأمر الثالث فى خطورة اللسان, هو أننا سوف نقدم لله حساباً فى يوم الدين عن كل كلمة بطالة خرجت من افواهنا
فملكوت الله يُشترط فى الذين يدخلونه أن يتصفوا بعفة اللسان وعفة الألفاظ. اذن أليس هو تدريباً نافعاً جداً أن ندرب انفسنا على عفة الألفاظ ، وأن نراجع أنفسنا من جهة نوعية كلماتنا, وننقيها من كل كلمة موشية غير مهذبة... وكيف يكون ذالك؟
نبعد أولاً عن الكذب بكل انواعه:
أى كل ما لا يتفق مع الحق والصدق. وربما من بين هذا أيضاً بعض انصاف الحقائق التى لا تعطى صورة دقيقة عن الصدق والواقع. وأيضاً كلام المبالغة الشديدة التى تصوّرالامور بغير واقعها. وما يتحايل البعض على تسميته بالكذب البرئ, بينما هذه العبارة أيضاً غير بريئة, لأنه لا توجد أنواع من الكذب مقبولة على الاطلاق.. ومنها ايضاً عبارات المديح الزائد, والنفاق والرياء. من هنا ينبغى الحرص فى مراعاة الدقة فى كل ما يقوله الانسان. وبهذا يصبح موضع ثقة من الناس.
****
ثانياً: البعد عن اهانة الاخرين او جرح مشاعرهم:
سواء باللفظ , أو الكتابة, او بالدسّ والوقيعة والنميمة والغيبة. والإغتياب هو أن يتحدث الشخص بالسوء على أحد الناس فى غيبته, مما لا يجرؤ ان يقوله فى حضرته. وعلى العموم فإن الخوض فى سيرة الآخرين والحديث عن سلوكهم والتعليق عليه, هو من الخطايا الشهيرة التى يقع فيها غالبية الناس, ويجدون وسيله لقضاء الوقت وللتسلية!!
ومن الخطيئة فى العلاقات الشخصية العتاب المرّ القاسى, الذى يجرح الشعور, والذى يقصده الشاعر بقولة:
ودَعْ العتابَ فربّ شر كان أوله العتابا
إن كان الأمر هكذا, فماذا نقوله اذن عن عبارات السبّ واللعن التى يحكم عليها القانون، أو عبارات السب المغطاة التى لا يطولها القانون، ولكنها تطولها أفهام الناس ومشاعرهم فتتاذى؟!
****
من أخطاء اللسان أيضاً عبارات الغضب والنرفزة:
هذه التى لا يضبط فيها الشخض اعصابه, فتخرج الألفاظ منه جارحة مؤلمة مهينه, إلى جانب منظرة وهو غاضب الذى لا يقل عن الفاظة فى الإثارة. كما أن علو الصوت الصاخب لا يليق أيضاً, وكذالك حدّة العبارات وقساوتها. نعم, ما أكثر الاخطاء التى يقع فيها الانسان فى ساعة غضبه, والتى ربما يندم عليها حينما يهدأ , ولكن بعد فوات الفرصة يضاف الى هذا مايقوله احياناً فى غضبه من عبارات التهديد والوعيد!
من اخطاء اللسان ايضاً الثرثرة والحديث فى التافهات...
إن الله قد خلق اللسان لاجل فوائد معينة ورسالات يقوم بها, وليس لكى يستخدمه فيما لا يفيد احداً بل قد يفدّ!
ومن أمثلة الثرثرة الإطالة المملة فى الحديث مما يتعب الاعصاب.. ومن اخطرها الحديث فى التليفون فى أوقات غير مناسبة, وفى موضوعات لا تهم السامع فى شئ. ومحصلتها كلها هى اضاعة الوقت...
ومن أمثلتها كذلك, الفكاهات البذيئة التى لا تتفق مع الاخلاق فى شئ.. وكذلك عبارات المزاح الردئ
****
كذلك من أخطاء اللسان, استخدامه فى اللهو والعبث...
كأن يقضى الانسان وقت فراغه فى بعض الأغانى البطالة التى قد يكون لها تأثير سئ على خلقه, أو يقضى الوقت فى كلام العبث مع أصدقائة, ويظن هذا لوناً من التسلية, ولكنها تسلية ضارة... وإذا لا يجد شيئاً يشغل به وقته, فإنه يشغله باضاعة وقت الآخرين..!
* ومن أخطاء اللسان أيضاً, كلام الافتخار والتباهى
والأجدر بالانسان أن يمدحه الآخرون على ما يفعله من خير, لا أن يمدح هو نفسه ويتباهى بما قاله أو مافعله. وغالباً ما يكون سماع كلام الافتخار ممقوتاً من الناس، وبخاصة اذا اطاله...
****
من هذا كله يتضح أن خطايا اللسان ضارة بمن يقولها, وضارة بمن يسمعها. وهكذا فإن العقلاء قد فضلوا الصمت. وما أجمل قول سليمان الحكيم:
"اذا صمت الجاهل يُحسب حكيماً"
الأحد مايو 14, 2017 7:53 pm من طرف doona
موضوع: خطايا اللسان بقلم مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث 