سأل الأخوة شيخا :
لقد قال أنبا أنطونيوس : " كما تموت السمكة اذا أخرجت من الماء هكذا يموت الراهب اذا مكث طويلا خارج قلايته " فنرجو أن تشرح لنا هذا الكلام .
قال الشيخ :
" لأنه في المسيح يسوع يكون تذكر الله حياة الروح ، الأمر الذي يسميه الآباء : " مختزن الحياة " ، " وأساس حياة الروح والعقل " . فاذا بقي الراهب في المدن يري ويخاطب بني الناس فانه يموت من ناحية أساس الحياة في الرب أي أنه ينسي الله وتبرد المحبة التي للمسيح في قلبه ، التي أقتناها بأتعاب كثيرة . ثم ينسي الله وتبرد المحبة التي للمسيح في قلبه ، التي أقتناها بأتعاب كثيرة . ثم ينسي فضائله ، ثم يتهاون في الرغبة في الجهادات ويحب الملذات ويميل الي الشهوات . وحينئذ تتزعزع غيرته القلبية أمام الاضطراب الذي توغل في حواسه عن طريق النظر والكلام والسمع . هذه الأمور التي هي مغذيات الروح . ثم يحدث أنه يهوي في عذابات كثيرة . الرب يسوع ينجينا من جميعها آمين .
+ قال الاخوة لشيخ :
فسر لنا ما قصده القديس أنطونيوس بقوله : " أن قلايتة الراهب هي آتون بابل حيث أبصر الثلاثة ابن الله . كما أنها عمود النار والسحابة التي منها كلم موسي " .
أجاب الشيخ :
هناك أمران يتعبان القلاية : الأول يشعل النفس والثاني يضيئها ويفرحها .
فان حروبها مع المبتدئين تستثيرهم وأما مع الكاملين فأنها تبهجهم وتنير قلوبهم . تخلصهم من الآلام وتكشف الأنوار أمامهم بل هي كذلك مع المبتدئين في حياة السكون الذين تنتابهم الحروب والآلام والشياطين لفترة من الوقت فأن المعونة الألهية لا تتركهم لأن ربنا نفسه يسوع المسيح ابن الله يزورهم سرا ويكون لهم معينا ورفيقا وهكذا بعد أن يتغلبوا علي الأتعاب والشياطين حسب النظام القانوني يجعلهم أهلا للسعادة في حبه الكامل واعلان نور مجده .
+ سأل أخ الأنبا ارسانيوس :
" لأي شيء أضجر اذا ما جلست في قلايتي ؟ "
فأجاب الشيخ قائلا :
" لأنك الآن لم تبصر ولم تتيقن من نياح الآخرة ولا عذابها لأنك لو تيقنت من ذلك حقا وكانت قلايتك مملوءة دودا وأنت غارق فيه الي عنقك لما ضجرت بالمرة " .
+ وأيضاً قال أحد الأخوة للقديس ارسانيوس :
" ماذا أصنع فأن الأفكار .. تحزنني وتقول لي : اذا لم تستطيع الصوم أو العمل فلا أقل من أن تذهب لأفتقاد المرضي فهذه هي المحبة " .
قال له الشيخ :
" أمض كل واشرب وأرقد ولا تخرج من قلايتك " لأن الشيخ عرف أن الصبر في القلاية يرد الراهب الي طقسه ، فذهب الأخ الي قلايته . فلما استمر ثلاثة أيام كما أمره الشيخ ضجر فأخذ قليلا من الخوص وشققه وبدا يضفر . فلما جاع قال لفكره لنفرغ من هذا الخوص القليل الذي معنا ثم ناكل " فلما فرغ من الخوص قال أيضاً : لنقرأ في الانجيل ثم بعد ذلك نأكل " فلما قرأ قال : لأتل مزاميري ثم بعد ذلك آكل بلا هم : وهكذا قليلا قليلا بمعونة الله كان يفعل حتي رجع الي سيرته الاولي وأخذ سلطانا علي الأفكار وكان يغلبها .