+ جلس راهب من الرهبان في البرية صامتا في قلايته ، فضغط عليه الضجر وأقلقه الفكر وضيق عليه شديدا حاثا اياه علي الخروج منها ، فقال في ذاته " يا نفسي لا تضجري من الجلوس في القلاية ، وان كنت لا تعلمين شيئا ، فيكفيك هخذا ، أنك لا تحزنين أحدا . ولا أحد يحزنك ، فأعرفي كم من الشرور خلصك الله ، لأن في سكوتك وصلاتك لله تكونين بلا هم يشغلك ولا تتكلمين كلاما باطلا . ولا تسمعين ما لا ينفعك ولا تبصرين ما يضرك ، وأنما قتالك واحد ، وهو قتال القلب ، والله قادر أن يبطله ، واذا قتنيت الاتضاع عرفت ضعفي " فعند افتكار الأخ بهذا ، صار له عزاء كثير في صلاته .
+ طلب أخ من الأب باريكوس أن يقول له كلمة : " أجلس في قلايتك وأن جعلت كل ، وأم عطشت أشرب ، ومنها لا تخرج ولا تتكلم بكلمة سوء ، وأنت تخلص "
+ سأل أخ شيخا قائلا :
" ماذا أعمل يا أبي ، فاني لا أمارس أمرا من امور الرهبنة ، وهمي كله هو في أم ىكل وأشرب وأرقد ، وأنا في ذكريات سمجة وسجس كثير ، أخرج من هذا الفعل الي ذاك ، ومن هذا الفكر الي غيره ؟ " .
فقال له الشيخ :
" أجلس في قلايتك وأعمل بقدر استطاعتك بلا سجس ، فأنه يرضيني هذا القدر اليسير الذي تعمله الآن ، مثل تلك الأمور الكبار التي كان أنطونيوس يعملها في البرية . ولي ايمان أن كل راهب يجلس في قلايته من أجل الله مفتشا أفكاره ، تاركا التفتيش عن عيوب الآخرين ، فأن ذلك يؤهله لأن يكون شبيها لأنبا أنطونيوس .
+ قال أخ لشيخ :
أن أفكاري تدور وتحزنني جدا .
فقال له الشيخ :
" أجلس في قلايتك ولا تخرج منها ، والأفكار تعوج اليك كمثل حمارة مربوطة وجحشا يدور ثم يرجع اليها ، فكذا من يصبر في قلايته. من أجل الله ، فأن دارت الأفكار فأنها ترجع اليه .
+ وكان أخ مقاتل بأن يخرج من ديره ، فذهب وأعلم رئيس الدير ، فقال له الرئيس : اذهب وأجلس في قلايتك ، وأرهن جسدك رهينة لحائط القلاية وأترك الفكر يهيم حيثما شاء ، وأنت لا تبرح من القلاية قط .
+ انحبس الأب سيصوي الذي من جبل أنطونيوس مرة في قلايته ، ومنع خادمه من القدوم اليه عشرة شهور ، لم يبصر فيها انسانا ، وفيما هو يمشي في الجبل ذات يوم ، اذا به يجد انسانا اعرابيا يتصيد وحوشا برية ، فقال له الشيخ : أين جئت ، وكم لك من الزمان ههنا ؟ فقال له الرجل : صدقني يا راهب ، أن لي في هذا الجبل أحد عشر شهرا لم أر أحدا قط غيرك . فلما سمع الشيخ ذلك ، دخل الي قلايته وصار يضرب صدره ويقول : يا سيصوي ، لا تظن أنك صنعت شيئا ، لنك لم تصنع مثل ما صنعه هذا الاعرابي .
+ قيل عن أنبا اور وأنبا تادرس .
انهما كانا يطليان قلاية بالطين ، فقال أحدهما للآخر : " لو افتقدنا الرب في هذه الساعة فماذا نصنع ؟ " فبكيا وتركا الطين ، وانصرف كل واحد منهما الي قلايته.
+ سؤال :
" بأي فكر يخرج الراهب ابليس المحتال من قلايته ؟ " .
+ الجواب :
" ان ابليس راق ( ساحر ) او ( حاوي ) فعلي مثال الراقي الذي يخرج الحية من عشها بكلام لطيف ، فاذا أخذها فأنه يطوف بها ويطرحها في شوارع المدينة يلاهي بها الناس ، حتي اذا شاخت معه ، فأما أن يحرقها بالنار ، أو يغرقها في الماء ، وعلي هذا المثال يكون الراهب ، اذا سحبته الأفكار وترك قلايته " .