حينما كنت ما أزال في الدير، وقبل أن أنزل إلى العالم للخدمة، كنت مسئولاً عن دار للضيافة في الدير، وكانت الإقامة فيه تستدعي الحصول مسبقاً على إذن من الدير، ولكن رئيس الدير كان يترك لي مساحة تجعل هناك بعض المرونة. أتذكر أنه أتاني ذات يوم شاب بسيط وطلب الإقامة لعدة أيام، ولكني اعتذرت له إذ لم يكن قد حصل على اذن مسبق بذلك، فألحّ، وانا أواصل الاعتذار بطريقة وبأخرى، وإذا به يبادرني: حسناً، سأدخل إلى الكنيسة وسأطلب إلى الله أن يقنعك بتلبية طلبي وأنا واثق أنه سيفعل!.
قال ذلك واستأذن منصرفاً. ووقعت في حيرة: ترى هل قصد أن يوقعني في "فخّ عاطفي" ! بحيلة بريئة، أم أن له هذه الدرجة العالية من الإيمان الطفولي، أم أنه استنفذ اللباقة والحجة ولم يجد سوى اللجوء إلى الصلاة، أم قصد أن يضعني في مأزق، أم ماذا؟
فكرت طويلاً وأوعز إليّ الشيطان أن أقول له: لقد صليت بدوري إلى الله فأقنعني ألاّ أوافق! (ولكني وجدتها فكرة سخيفة) ثم عدت لأفكر في القانون الذي سيكسر في حالة الموافقة، وماذا لو عرف الآخرين ذلك فانتهجوا ذات المسلك؟.
ولكني وقفت طويلاً أمام فكرة أنه من الجائز أن يكون بسيطاً وصادقاً في مسلكه، وبالتالي ستكون عجرفة مني إذا رفضت طلبه، وشعر هو بأن صلاته لم تستجب. عندئذ قررت أن انهزم لله!!. فلمّا عاد إليّ بادرته بالقول: لقد استجاب الله لصلاتك وأقنعني بتلبية طلبك.