آية (12): "والإنسان في كرامة لا يبيت. يشبه البهائم التي تباد."
ما يجب أن يلاحظه كل واحد أن كرامة الإنسان لن تدوم، بل يموت ويدفن كالبهائم.
آية (13): "هذا طريقهم اعتمادهم وخلفاؤهم يرتضون بأقوالهم. سلاه."
بالرغم من وضوح هذه الحقيقة، فإن البشر لا يفهمونها. فالجيل السابق يبني مجدًا وثروة ويموت وينتهي، ويأتي الجيل الجديد ليعمل نفس الشيء وكأن الجيل الجديد لم يري أن الموت كان نهاية السابقين. ولنلاحظ أن الكتاب لا يعترض على أن يكون للإنسان ثروة ومجد. . ولكن لا يكون هذا على حساب خلاص نفسه. علينا أن نضع حقيقة الموت في أي لحظة لنستعد.
آية (14): "مثل الغنم للهاوية يساقون. الموت يرعاهم ويسودهم المستقيمون. غداة وصورتهم تبلى. الهاوية مسكن لهم."
مِثْلَ الْغَنَمِ لِلْهَاوِيَةِ يُسَاقُونَ = هم يكنزون أموالاً ومقتنيات وفي النهاية يموتون وبهذا هم يشبهون الغنم التي يطعمونها لتسمن ثم يذبحونها= الْمَوْتُ يَرْعَاهُمْ. هذه مترجمة في الإنجليزية " الموت يتغذي عليهم" أي يلتهمهم. وَيَسُودُهُمُ الْمُسْتَقِيمُونَ غَدَاةً = في فجر يوم القيامة يظهر المستقيمون في مجد وهم يسودون الأشرار. بينما الشرير تكون الْهَاوِيَةُ مَسْكَنٌ لَهُمْ = ولن ينفعه مجده أو ثروته الأرضية.
آية (15): "إنما الله يفدي نفسي من يد الهاوية لأنه يأخذني. سلاه."
نجد فيها خلاصة هذا المزمور. المسيح الذي يفدي نفسي من الجحيم. فالمسيح نزل إلى الجحيم وأخذ نفس المرنم ومعه أنفس كل الصديقين الذين كانوا فيه. هنا بروح النبوة رأي المرنم عمل المسيح الذي نزل إلى الجحيم ليفتحه ويخرج نفوس الأبرار من هذه الهاوية وينطلق بها للفردوس. وهذا هو الفداء = الله يفدي نفسي من يد الهاوية.
الآيات (16-20): "لا تخش إذا استغنى إنسان إذا زاد مجد بيته. لأنه عند موته كله لا يأخذ. لا ينزل وراءه مجده. لأنه في حياته يبارك نفسه. ويحمدونك إذا أحسنت إلى نفسك. تدخل إلى جيل آبائه الذين لا يعاينون النور إلى الأبد. إنسان في كرامة ولا يفهم يشبه البهائم التي تباد."
يعود النبي ويذكر المتكلين على أموالهم بحقائق النهاية. ويعطي نصيحة لأولاد الله= لاَ تَخْشَ إِذَا اسْتَغْنَى إِنْسَانٌ = لا تخف من أصحاب السلطة والغنى ولا تتملقهم. فعند موت هذا الغني= لاَ يَنْزِلُ وَرَاءَهُ مَجْدُهُ. لأَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ يُبَارِكُ نَفْسَهُ. هذا الغني مثل كل أولاد العالم يفرح ويمجد نفسه إذا امتلك كثيراً من حطام هذه الدنيا بل هو ينصح الآخرين بأن يتملكوا ليكونوا أقوياء، ويمدح من يفعل= وَيَحْمَدُونَكَ إِذَا أَحْسَنْتَ إِلَى نَفْسِكَ بأن تمتلك كثيراً. ولكن من يفعل مثله سيموت ويفني مثل من سبقه. ونكرر ليس عيباً أن نكون أغنياء في المال وفي الكرامة الزمنية وفي العلم.. إلخ. ولكن على كل إنسان أن يسأل نفسه... وماذا امتلكت وماذا كنزت للعالم الآخر. فمن لا يكنز في السماء يقال عنه= إنْسَانٌ فِي كَرَامَةٍ وَلاَ يَفْهَمُ يُشْبِهُ الْبَهَائِمَ الَّتِي تُبَادُ. وكل واحدٍ بحسب ما إكتنز يدخل إلى جيل أبائه. فمن كانت كل كنوزهم أرضية لا يعاينون النور إلى الأبد. لاَ يَفْهَمُ = انه لن يأخذ معه سوي أعماله التي تتبعه (رؤ 14: 13).